اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
كتاب الروض المربع الجزء الأول
91445 مشاهدة
كيفية صلاة العيد ووقتها

ويصليها ركعتين قبل الخطبة؛ لقول ابن عمر كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر وعمر وعثمان يصلون العيدين قبل الخطبة متفق عليه فلو قدم الخطبة لم يعتد بها.


كان النبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة الذين هم الخلفاء الراشدون يصلون الجمعة بعد الخطبتين، ويصلون العيد- صلاة العيد- قبل الخطبتين هذه هي سنتهم. فالجمعة من فروض الأعيان، فيقدمون الخطبتين حتى يتمكن المصلون من الاستماع ثم حضور الصلاة، وأما العيد فهو من فروض الكفاية كما تقدم؛ فيحصل بحضور البعض؛ فلأجل ذلك تُقَدَّم الصلاة.
وصلاة الجمعة ركعتان, وصلاة العيد ركعتان. صلاة الجمعة يُجهر فيها بالقراءة, وصلاة العيد يُجهر فيها بالقراءة؛ فهما متقاربتان، الجمعة لها خطبتان والعيد لها خطبتان, فهما أيضا متقاربتان، إلا أن صلاة العيد في أول النهار, والجمعة بعد الزوال في وسط النهار هذا من الفرق بينهما، إلا أن العيد يُكثر فيها من التكبير, وليس كذلك الجمعة؛ ففي صلاة العيد يَبْدَأُ في الصلوات بالتكبيرات، وفي الخطب أيضا بالتكبيرات ويكثر في أثنائها من التكبيرات، ولا يستعمل ذلك في صلاة الجمعة, فحصل الفرق بينهما.
نقول: إن الأصل أن صلاة العيد تُقَدَّم على الخطبة؛ وذلك دليل على أن الخطبة ليست شرطا أن يحضرها ليست فرضا، بل يجوز إذا حضر الصلاة وانتهى من الصلاة أن ينصرف، لكن لا بد أن يبقى أناس يحضرون الخطبة؛ لأن القصد تعليمهم, فلو نفروا كلهم وتركوا حضور الخطبة لم يحصل التعليم.
بعد ذلك نقول: إن أول من قدم الخطبة في العيد هو مروان لما كان خليفة لمعاوية على المدينة وكان معاوية ولاه على المدينة لقرابته منه، وكان في الخطبة يسب عليا فكان كثير من الناس ينفرون إذا بدأ في الخطبة حتى لا يحضروا سبة علي ؛ فاحتال أن قدم الخطبة حتى يحضره الناس, وحتى يمسكهم لصلاة العيد.
أنكر عليه أبو سعيد وأنكر عليه بعض الصحابة، ولكنه استمر على ذلك على تقديم الخطبة على الصلاة، ثم لم يوافقه على ذلك غيره إلا أفراد قليل من خلفاء ومن أمراء بني أمية كانوا يقدمون الخطبة على الصلاة، أما بقية أهل المدن وأهل القرى ونحوهم فإنهم متبعون للسنة يقدمون الصلاة ثم بعدها الخطبة.